للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لاِسْتِيفَاءِ الْجِزْيَةِ (١) :

٦٨ - الْقَبَالَةُ (أَوِ التَّقْبِيل) وَتُسَمَّى التَّضْمِينَ أَوِ الاِلْتِزَامَ:

هِيَ فِي اللُّغَةِ - بِالْفَتْحِ الْكَفَالَةُ، وَهِيَ فِي الأَْصْل مَصْدَرُ قَبَل بِفَتْحِ الْبَاءِ إِذَا كَفَل وَقَبُل بِضَمِّهَا إِذَا صَارَ قَبِيلاً أَيْ كَفِيلاً. (٢)

قَال الزَّمَخْشَرِيُّ: كُل مَنْ يَقْبَل بِشَيْءٍ مُقَاطَعَةً وَكُتِبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابٌ، فَالْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ هُوَ الْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ وَالْعَمَل قِبَالَةٌ بِالْكَسْرِ؛ لأَِنَّهُ صِنَاعَةٌ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: أَنْ يَدْفَعَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ صَقْعًا أَوْ بَلْدَةً أَوْ قَرْيَةً إِلَى رَجُلٍ مُدَّةَ سَنَةٍ مُقَاطَعَةً بِمَالٍ يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ عَنْ خَرَاجِ أَرْضِهَا، وَجِزْيَةِ رُءُوسِ أَهْلِهَا إِنْ كَانُوا أَهْل ذِمَّةٍ، فَيَقْبَل ذَلِكَ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا.

وَقَدْ يَقَعُ فِي جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ ظُلْمٌ لأَِهْل الذِّمَّةِ أَوْ غَبْنٌ لِبَيْتِ الْمَال، وَلِذَلِكَ مَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى مَنْعِهَا، قَال أَبُو يُوسُفَ " فَإِنْ قَال صَاحِبُ الْقَرْيَةِ أَنَا أُصَالِحُكُمْ عَنْهُمْ وَأُعْطِيكُمْ ذَلِكَ لَمْ يُجِيبُوهُ إِلَى مَا سَأَل لأَِنَّ ذَهَابَ الْجِزْيَةِ مِنْ هَذَا أَكْثَرُ لَعَل صَاحِبَ الْقَرْيَةِ يُصَالِحُهُمْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَفِيهَا مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ مَنْ إِذَا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ بَلَغَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ ". (٣)


(١) الطريقة الأولى تقدمت في (ف / ٥٩) .
(٢) ابن الأثير النهاية في غريب الحديث ٤ / ١٠.
(٣) الرتاج ٢ / ٣ - ٤، والخراج ص ١٢٤.