للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْجَدِيرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ هَذِهِ التَّوْبَةَ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الآْثَارِ إِلاَّ الآْثَارَ الدُّنْيَوِيَّةَ فَحَسْبُ، مِنْ حَيْثُ اسْتِحْقَاقُهُ التَّعْزِيرَ وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ أَمْرَهُ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي تَوْبَتِهِ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَادِقًا فِي تَوْبَتِهِ، رُدَّتْ وَخَابَ وَخَسِرَ.

عُقُوبَةُ أَهْل الأَْهْوَاءِ:

٨ - إِذَا كَانَتِ الْبِدْعَةُ الَّتِي يَنْتَحِلُهَا أَهْل الأَْهْوَاءِ مُكَفِّرَةً فَإِنَّهُمْ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْمُرْتَدِّينَ، وَيُطَبَّقُ عَلَيْهِمْ حَدُّ الرِّدَّةِ.

أَمَّا إِنْ لَمْ تَكُنْ مُكَفِّرَةً فَإِنَّ عُقُوبَتَهُمُ التَّعْزِيرُ بِالاِتِّفَاقِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الدُّعَاةِ مِنْهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِ الدُّعَاةِ، فَغَيْرُ الدُّعَاةِ يُعَزَّرُونَ بِالضَّرْبِ أَوِ الْحَبْسِ، أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ نَافِعٌ بِهِمْ، وَكَرِهَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ حَبْسَهُمْ، وَقَال: إِنَّ لَهُمْ وَالِدَاتٍ وَأَخَوَاتٍ.

أَمَّا الدُّعَاةُ مِنْهُمْ وَالرُّؤَسَاءُ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهِمُ التَّعْزِيرُ إِلَى الْقَتْل سِيَاسَةً، قَطْعًا لِدَابِرِ الإِْفْسَادِ فِي الأَْرْضِ، وَعَلَى هَذَا الْحَنَفِيَّةُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الإِْمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. (١)

شَهَادَةُ أَهْل الأَْهْوَاءِ:

٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُول شَهَادَةِ أَهْل الأَْهْوَاءِ الَّذِينَ لاَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٤٧، ٢٩٧، والآداب الشرعية ١ / ٢٩١، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص ٩٩ طبع بيروت دار الكتب العربية.