للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَوَاءً فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ؛ لأَِنَّ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي يُفْضِي إِلَى سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنِ الْمُشْتَرِكِينَ إِذْ لاَ يَكَادُ جُرْحَانِ يَتَسَاوَيَانِ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَلَوِ احْتُمِل التَّسَاوِي لَمْ يَثْبُتِ الْحُكْمُ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ وَلاَ يُكْتَفَى بِاحْتِمَال الْوُجُودِ، بَل الْجَهْل بِوُجُودِهِ كَالْعِلْمِ بِعَدَمِهِ فِي انْتِفَاءِ الْحُكْمِ؛ وَلأَِنَّ الْجُرْحَ الْوَاحِدَ قَدْ يَمُوتُ مِنْهُ دُونَ الْمِائَةِ؛ وَلأَِنَّ الْجِرَاحَ إِذَا أَفَضْت إِلَى قَتْل النَّفْسِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا، فَكَانَ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ كَحُكْمِ الْوَاحِدِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أَطْرَافَهُ كُلَّهَا فَمَاتَ وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ (١) .

الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ:

٨ - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي جُرْحٍ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَى طَرَفٍ مُوجِبَيْنِ لِلْقِصَاصِ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ فَقَالاَ: هَذَا هُوَ السَّارِقُ وَأَخْطَأْنَا فِي الأَْوَّل فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الثَّانِي وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ الأَْوَّل، وَقَال: لَوْ عَلِمْت أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا؛ وَلأَِنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْقِصَاصِ فَتُؤْخَذُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَالأَْنْفُسِ.

وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فِعْل أَحَدِهِمْ عَنْ فِعْل الآْخَرِ، كَأَنْ يَضَعُوا سَيْفًا عَلَى يَدِ شَخْصٍ وَيَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ


(١) المغني ٧ / ٦٧١ ٦٧٢.