للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (١) بِخِلاَفِ مَشِيئَةِ الآْدَمِيِّ، كَمَا أَنَّ مَشِيئَتَهُ تَعَالَى لاَ تُعْلَمُ إِلاَّ بِوُقُوعِ الأَْمْرِ، فَلاَ يُمْكِنُ وَقْفُ الأَْمْرِ عَلَى وُجُودِهَا، وَمَشِيئَةُ الآْدَمِيِّ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِهَا فَيُمْكِنُ جَعْلُهَا شَرْطًا يَتَوَقَّفُ الأَْمْرُ عَلَى وُجُودِهَا، وَيَتَعَيَّنُ حَمْل الأَْمْرِ هُنَا عَلَى الْمُسْتَقْبَل، فَيَكُونُ وَعْدًا لاَ إِقْرَارًا. وَقَال الْقَاضِي: لَوْ عَلَّقَ الإِْقْرَارَ عَلَى مَشِيئَةِ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ شَخْصٍ آخَرَ صَحَّ الإِْقْرَارُ، لأَِنَّهُ عَقَّبَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ، فَصَحَّ الإِْقْرَارُ دُونَ مَا رَفَعَهُ. (٢) أَيْ كَأَنَّهُ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ فَلاَ يَصِحُّ رُجُوعُهُ.

ب - تَعْلِيقُ الإِْقْرَارِ عَلَى شَرْطٍ:

٤٤ - وَضَعَ الْحَنَابِلَةُ قَاعِدَةً عَامَّةً بِأَنَّ كُل إِقْرَارٍ مُعَلَّقٍ عَلَى شَرْطٍ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُقِرٍّ فِي الْحَال، وَمَا لاَ يَلْزَمُهُ فِي الْحَال لاَ يَصِيرُ وَاجِبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، لأَِنَّ الشَّرْطَ لاَ يَقْتَضِي إِيجَابَ ذَلِكَ. (٣)

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ، فَإِنَّ الإِْقْرَارَ صَحِيحٌ وَيَبْطُل الشَّرْطُ، لأَِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي مَعْنَى الرُّجُوعِ، وَالإِْقْرَارُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لاَ يَحْتَمِل الرُّجُوعَ، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ إِخْبَارٌ فَلاَ يَقْبَل الْخِيَارَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ مَا يَذْكُرُهُ الْمُقِرُّ بَعْدَ الإِْقْرَارِ يُعْتَبَرُ رَفْعًا لَهُ فَلاَ يُقْبَل كَالاِسْتِثْنَاءِ (٤) .


(١) سورة الفتح / ٢٧.
(٢) المغني ٥ / ٢١٧ - ٢١٨.
(٣) كشاف القناع ٦ / ٤٦٥، والمغني ٥ / ٢١٧.
(٤) البدائع ٧ / ٢٠٩، وتبيين الحقائق ٥ / ١٢، والهداية والتكملة ٦ / ٣٠٨ - ٣٠٩، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٥٥، والتاج والإكليل ٥ / ٢٢٥، وكشاف القناع ٦ / ٤٦٧.