للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَحْصِيل هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالصَّلاَةِ؛ لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِنَّمَا تُقْصَدُ لِلصَّلاَةِ، فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ نَذْرُهُ.

وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ الْمَسْجِدَ الأَْقْصَى مِنَ الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ الَّتِي لاَ تُشَدُّ الرِّحَال إِلاَّ إِلَيْهَا؛ لاِشْتِرَاكِهَا فِي عِظَمِ الْفَضِيلَةِ وَزِيَادَةِ ثَوَابِ الصَّلاَةِ فِيهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ، فَيَلْزَمُ الْمَشْيُ إِلَيْهِمَا بِالنَّذْرِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (١)

نَذْرُ حَجِّ الْبَيْتِ هَذَا الْعَامَ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الإِْسْلاَمِ:

٥٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الإِْسْلاَمِ، وَذَلِكَ عَلَى مَذَاهِبَ ثَلاَثَةٍ:

الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ غَيْرُ هَذِهِ الْحَجَّةِ؛ إِذْ تُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلاَمِ وَعَنْ نَذْرِهِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ حَجٌّ آخَرُ، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ قَوْل عِكْرِمَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ قَدَّمَهَا الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا نَوَى نَذْرَهُ وَفَرِيضَتَهُ (٢)


(١) كشاف القناع ٦ / ٢٨٣، والمغني ٩ / ١٦.
(٢) الدر المختار ورد المحتار ٣ / ٦٨، والدسوقي ٢ / ١٦٩، وروضة الطالبين ٣ / ٣٢٢، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي عليه ٨ / ٢٣٠، والمغني ٩ / ٢٠، ٢١، والكافي ٤ / ٤٢٨.