للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الطَّرِيقُ الاِسْتِثْنَائِيَّة فِي الْفَيْءِ: الْفَيْءُ بِالْقَوْل:

٢٣ - إِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ كَانَ الْوَاجِبُ شَرْعًا عَلَيْهِ أَنْ يَفِيءَ إِلَيْهَا بِالْفِعْل، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَيْءِ بِالْفِعْل لَزِمَهُ الْفَيْءُ بِالْقَوْل. كَأَنْ يَقُول: فِئْتُ إِلَى زَوْجَتِي فُلاَنَةَ، أَوْ رَجَعْتُ عَمَّا قُلْتُ، أَوْ مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كُل مَا يَدُل عَلَى رُجُوعِهِ عَمَّا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ بِالْيَمِينِ.

وَالْحِكْمَةُ فِي تَشْرِيعِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل: أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا آذَى زَوْجَتَهُ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ قُرْبَانِهَا، وَعَجَزَ عَنِ الرُّجُوعِ، وَكَانَ فِي إِعْلاَنِهِ الْوَعْدُ بِهِ إِرْضَاءً لَهَا لَزِمَهُ هَذَا الْوَعْدُ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْفَيْئَةِ تَرْكُ الإِْضْرَارِ الَّذِي قَصَدَهُ الزَّوْجُ بِالإِْيلاَءِ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِظُهُورِ عَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ (١) .

شَرَائِطُ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل:

٢٤ - لاَ يَصِحُّ الْفَيْءُ بِالْقَوْل إِلاَّ إِذَا تَوَافَرَتْ فِيهِ الشَّرَائِطُ الآْتِيَةُ:

الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: الْعَجْزُ عَنِ الْجِمَاعِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ الْفَيْءُ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّ الْفَيْءَ بِالْجِمَاعِ هُوَ الأَْصْل، إِذْ بِهِ يَنْدَفِعُ الظُّلْمُ عَنِ الزَّوْجَةِ حَقِيقَةً، وَالْفَيْءُ بِالْقَوْل خَلَفٌ عَنْهُ، وَلاَ عِبْرَةَ بِالْخَلَفِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الأَْصْل، كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ.

وَالْعَجْزُ نَوْعَانِ: عَجْزٌ حَقِيقِيٌّ وَعَجْزٌ حُكْمِيٌّ.

وَالْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ، مِثْل أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَرِيضًا مَرَضًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً لاَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، أَوْ تَكُونَ رَتْقَاءَ: وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا انْسِدَادُ مَوْضِعِ الْجِمَاعِ مِنَ الْفَرَجِ، بِحَيْثُ


(١) البدائع ٣ / ١٧٣، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٢ / ٤٣٨، ومغني المحتاج ٣ / ٣٥٠، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٢٧.