للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قَال لَهُ مَالِكُهَا: لاَ تُخْرِجْهَا، وَإِنْ خِفْتَ عَلَيْهَا. فَحَصَل خَوْفٌ وَأَخْرَجَهَا خَوْفًا عَلَيْهَا، أَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا، فَتَلِفَتْ ـ مَعَ إِخْرَاجِهَا أَوْ تَرْكِهِ ـ لَمْ يَضْمَنْهَا. لأَِنَّهُ إِنْ تَرَكَهَا، فَهُوَ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ صَاحِبِهَا، فَكَانَ مَأْذُونًا فِي تَرْكِهَا فِي تِلْكَ الْحَال، وَالإِْذْنُ وَالضَّمَانُ لاَ يَجْتَمِعَانِ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا فَقَدْ زَادَهُ خَيْرًا وَحِفْظًا، إِذْ مَقْصُودُهُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي حِفْظِهَا لَهُ، فَلَمْ يَضْمَنْ بِهِ، كَمَا لَوْ قَال لَهُ: أَتْلَفَهَا. فَلَمْ يُتْلِفْهَا حَتَّى تَلِفَتْ. أَمَّا إِذَا أَخْرَجَهَا بِلاَ خَوْفٍ، فَتَلِفَتْ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (١) .

(ع) ـ نِيَّةُ التَّعَدِّي عَلَى الْوَدِيعَةِ:

٦٦ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا نَوَى الْوَدِيعُ التَّعَدِّيَ عَلَى الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَهُ بِالْجُحُودِ أَوِ الاِسْتِعْمَال أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَل، فَهَل يَصِيرُ ضَامِنًا بِالنِّيَّةِ لَوْ تَلِفَتْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ، أَمْ لاَ؟ وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ التَّعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ ـ أَوْ حَدَّثَتْ ـ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَل بِهِ، أَوْ


(١) شَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٠، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ١٨٧ وَمَا بَعْدَهَا، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٦٣وما بُعْدهَا، وَالْمُبْدِع ٥ / ٢٣٤.