للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُجِيزُوا اسْتِئْجَارَ الأَْشْجَارِ لِلاِسْتِظْلاَل بِهَا، وَلاَ الْمَصَاحِفِ لِلنَّظَرِ فِيهَا. وَيَقْرَبُ مِنْهُمُ الْمَالِكِيَّةُ، لَكِنَّهُمْ أَجَازُوا إِجَارَةَ الْمَصَاحِفِ وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ. بَيْنَمَا تَوَسَّعَ الْحَنَابِلَةُ، حَتَّى أَجَازُوا الإِْجَارَةَ عَلَى كُل مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ. وَيَقْرُبُ مِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا بَعْضَ مَا أَجَازَهُ الْحَنَابِلَةُ، كَإِجَارَةِ الدَّنَانِيرِ لِلتَّجْمِيل، وَالأَْشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ، فِي الْقَوْل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ. (١)

٢٩ - ثَالِثًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الاِسْتِيفَاءِ. وَلَيْسَتْ طَاعَةً مَطْلُوبَةً، وَلاَ مَعْصِيَةً مَمْنُوعَةً. وَهَذَا الشَّرْطُ مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ وَخِلاَفٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ مَذْكُورٌ فِيمَا بَعْدُ (ف ١٠٨)

٣٠ - رَابِعًا: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَنْفَعَةِ لِصِحَّةِ الإِْجَارَةِ: الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا حَقِيقَةً وَشَرْعًا. فَلاَ تَصِحُّ إِجَارَةُ الدَّابَّةِ الْفَارَّةِ، وَلاَ إِجَارَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ، لِكَوْنِهِ مَعْجُوزًا عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَلاَ الأَْقْطَعِ وَالأَْشَل لِلْخِيَاطَةِ بِنَفْسِهِ، فَهِيَ مَنَافِعُ لاَ تَحْدُثُ إِلاَّ عِنْدَ سَلاَمَةِ الأَْسْبَابِ. (٢)

وَعَلَى هَذَا فَلاَ تَجُوزُ إِجَارَةُ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ، وَيَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ. وَانْبَنَى عَلَى هَذَا الْقَوْل بِعَدَمِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْفَحْل لِلإِْنْزَاءِ، وَالْكَلْبِ وَالْبَازِ لِلصَّيْدِ، وَالْقَوْل بِعَدَمِ جَوَازِ إِجَارَةِ الظِّئْرِ دُونَ


(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٤١١، والبدائع ٤ / ١٧٥، ١٧٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٠، والشرح الصغير ٤ / ١٦٠، والمهذب ١ / ٣٩٤، ٣٩٥، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج ٣ / ٦٩، والمحرر ١ / ٣٥٦، والمغني ٥ / ٤٠٦ ط ١٣٨٩ هـ.
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٤١١، والبدائع ٤ / ١٨٧، ومنهاج الطالبين وحاشية القليوبي ٣ / ٦٩، ٧٢، والمهذب ١ / ٣٩٦