للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (١) .

كَذَلِكَ لاَ قِصَاصَ عَلَى الْجَارِحِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلاً وَاحِدًا إِذَا تَدَاوَى الْمَقْتُول بِالسُّمِّ خَطَأً، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّهُ " لاَ يُقْتَل شَرِيكٌ مُخْطِئٌ " (٢) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي شَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ عَمْدًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلَيْنِ (٣)

الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الاِنْتِحَارِ:

أَوَّلاً: إِيمَانُ أَوْ كُفْرُ الْمُنْتَحِرِ:

٢٥ - وَرَدَ فِي الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُل ظَاهِرُهُ عَلَى خُلُودِ قَاتِل نَفْسِهِ فِي النَّارِ وَحِرْمَانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ. مِنْهَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَل نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَل نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا (٤) وَمِنْهَا حَدِيثُ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَل نَفْسَهُ، فَقَال اللَّهُ: بِدَرَنِي عَبْدِي نَفْسَهُ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ (٥)

وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْحَادِيثِ يَدُل عَلَى كُفْرِ الْمُنْتَحِرِ؛ لأَِنَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ وَالْحِرْمَانَ مِنَ الْجَنَّةِ جَزَاءُ الْكُفَّارِ عِنْدَ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

لَكِنَّهُ لَمْ يَقُل بِكُفْرِ الْمُنْتَحِرِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ؛ لأَِنَّ الْكُفْرَ هُوَ الإِْنْكَارُ وَالْخُرُوجُ عَنْ دِينِ


(١) الفتاوى الهندية ٦ / ٤
(٢) الشرح الصغير ٤ / ٣٤٧
(٣) الخرشي ٨ / ١١
(٤) حديث: " من تردى. . . . . " سبق تخريجه ف / ٨.
(٥) حديث: " كان برجل جراح. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٤٩٦ - ط السلفية) .