للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ إِذَا كَانَتِ الْحُقُوقُ مُضَاعَةً لِجَوْرٍ أَوْ عَجْزٍ، أَوْ فَسَدَتِ الأَْحْكَامُ بِتَوْلِيَةِ جَاهِلٍ، فَيَقْصِدُ بِالطَّلَبِ تَدَارُكَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ يُوسُفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَبَ، فَقَال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَْرْضِ} (١) ، وَإِنَّمَا طَلَبَ ذَلِكَ شَفَقَةً عَلَى خَلْقِ اللَّهِ لاَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ.

وَيَحْرُمُ طَلَبُ الْقَضَاءِ إِذَا كَانَ فِيهِ مُبَاشِرٌ قَدْ تَوَافَرَتْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءَ وَالطَّالِبُ يَرُومُ عَزْلَهُ وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَهْلاً لِلْقَضَاءِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْقَائِمِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ لَمْ يَحْرُمْ طَلَبُهُ، كَمَا يَحْرُمُ الطَّلَبُ لِجَاهِلٍ وَطَالِبِ دُنْيَا. (٢)

بَذْل الْمَال لِتَوَلِّي الْقَضَاءِ:

١٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بَذْل الْمَال لِيُنْصَبَ قَاضِيًا، وَأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُل فِي عُمُومِ نَهْيِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرِّشْوَةِ.

وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ الْحُرْمَةَ بِمَا إِذَا كَانَ طَالِبُ الْقَضَاءِ لاَ يَسْتَحِقُّ التَّوْلِيَةَ لِفَقْدِهِ شُرُوطَ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنِ الْقَضَاءُ مُتَعَيَّنًا عَلَيْهِ.


(١) سورة يوسف / ٥٥.
(٢) كشاف القناع ٦ / ٢٨٨، والمغني ٩ / ٣٦ ط. الثالثة للمنار. وابن عابدين ٥ / ٣٦٦، ومغني المحتاج ٤ / ٣٧٣، ٣٧٤، والروضة ١١ / ٩٣، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٣٠، ١٣١، وتبصرة الحكام ١ / ١٦، ١٧.