للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ الاِبْتِلاَءُ وَالْمَشَقَّةُ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ بِإِتْعَابِ النَّفْسِ وَالْجَوَارِحِ بِالأَْفْعَال الْمَخْصُوصَةِ، وَبِفِعْل النَّائِبِ لاَ تَتَحَقَّقُ الْمَشَقَّةُ عَلَى نَفْسِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَجُزِ النِّيَابَةُ فِيهَا مُطْلَقًا (١)

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلاَةٌ مَنْذُورَةٌ أَدَّاهَا وَلِيُّهُ عَنْهُ، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَال بِهِ الأَْوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ وَإِسْحَاقُ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ عَنِ الْمَيِّتِ مَنْ يُصَلِّي عَنْهُ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَذَهَبَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْوَارِثَ يُصَلِّي عَنِ الْمَيِّتِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مَا فَاتَهُ مِنْ صَلاَةٍ نَذَرَ أَدَاءَهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى مَاتَ، وَذَلِكَ صِلَةٌ لَهُ وَإِبْرَاءٌ لِذِمَّتِهِ مِنْهَا (٢) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُول اللَّهِ


(١) الْبَحْرُ الرَّائِقُ ٣ / ٦٥.
(٢) مَوَاهِبُ الْجَلِيل ٢ / ٥٤٣، وَإِعَانَةُ الطَّالِبِينَ ٢ / ٢٤٤، وَالْمُغْنِي ٩ / ٣٠، وَالْكَافِي ٤ / ٤٣٠، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٢ / ٣٣٦، وَعُمْدَةُ الْقَارِي ٢٣ / ٢١٠، وَشَرْحُ النَّوَوِيِّ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ١ / ٩٠.