للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خِفْتُ أَنْ تُصَادِفَ قَدَرًا، فَيُقَال: حَلَفَ فَعُوقِبَ، أَوْ هَذَا شُؤْمُ يَمِينِهِ

وَلاَ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَهُ أَبَدًا؛ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْخُصُومَةِ. وَلأَِنَّ كِرَامَ النَّاسِ يَتَرَفَّعُونَ عَنِ الْحَلِفِ تَوَرُّعًا.

أَمَّا لَوْ أَسْقَطَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ قَصْدًا بِدُونِ مُصَالَحَةٍ أَوْ افْتِدَاءٍ بَعْدَ طَلَبِهَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِسْقَاطًا، وَلَهُ التَّحْلِيفُ؛ لأَِنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي. (١)

تَغْلِيظُ الْيَمِينِ:

٢٦ - فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ تَغْلِيظِ الْيَمِينِ. لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بِمَ يَكُونُ التَّغْلِيظُ.

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْهَيْئَةِ. وَذَلِكَ فِيمَا فِيهِ خَطَرٌ، كَنِكَاحٍ وَطَلاَقٍ وَلِعَانٍ وَوَلاَءٍ وَوَكَالَةٍ وَمَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ.

وَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَبِالْمَكَانِ لأَِهْل مَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَلأَِهْل الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ الأَْعْظَمِ.

وَبِالنِّسْبَةِ لِلْهَيْئَةِ قَال بَعْضُهُمْ: يَحْلِفُ قَائِمًا مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ.

وَلَمْ يُجَوِّزِ التَّغْلِيظَ أَكْثَرُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقِيل: لاَ يُغَلَّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلاَحِ.


(١) حاشية الدسوقي ٣ / ٣١١، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٢٤، وحواشي الروض ٤ / ٤٠٤، والبجيرمي على الخطيب ٤ / ٣٥٠، ٣٥١، والمغني ٤ / ٥٢٨، ٥٢٩، وابن عابدين ٤ / ٤٤٦ ط بولاق ١٣٢٥ هـ.