للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ - وَلَوْ وَاحِدًا - حُكِمَ بِإِسْلاَمِ اللَّقِيطِ؛ لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ تَغْلِيبًا لِلإِْسْلاَمِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَتَحُوهَا مُسْلِمٌ فَاللَّقِيطُ كَافِرٌ (١) .

رَابِعًا - الذِّمَّةُ بِالْغَلَبَةِ وَالْفَتْحِ:

١٨ - هَذَا النَّوْعُ مِنَ الذِّمَّةِ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إِذَا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بِلاَدًا غَيْرَ إِسْلاَمِيَّةٍ، وَرَأَى الإِْمَامُ تَرْكَ أَهْل هَذِهِ الْبِلاَدِ أَحْرَارًا بِالذِّمَّةِ، وَضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، كَمَا فَعَل عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي فَتْحِ سَوَادِ الْعِرَاقِ (٢) .

حُقُوقُ أَهْل الذِّمَّةِ

١٩ - الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي حُقُوقِ أَهْل الذِّمَّةِ: أَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ جَرَتْ عَلَى لِسَانِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، وَتَدُل عَلَيْهَا عِبَارَاتُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ (٣) . وَيُؤَيِّدُهَا بَعْضُ الآْثَارِ عَنِ السَّلَفِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَال: إِنَّمَا قَبِلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا، وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا.

لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ غَيْرُ مُطَبَّقَةٍ عَلَى إِطْلاَقِهَا، فَالذِّمِّيُّونَ لَيْسُوا كَالْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ


(١) حاشية القليوبي ٣ / ١٢٦، والمغني لابن قدامة ٥ / ٧٤٨.
(٢) الكاساني ٧ / ١١١، ١١٩، وحاشية القليوبي ٣ / ١٢٦، وأحكام أهل الذمة لابن القيم ١ / ١٠٥.
(٣) بدائع الصنائع للكاساني ٦ / ١١١، والقوانين الفقهية لابن جزي ص ١٠٥، والمهذب للشيرازي ٢ / ٢٥٦، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٢٤٧، والمغني لابن قدامة ٨ / ٤٤٥، ٥٣٥.