للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَكَّل فِيهَا، وَلَمْ يُمْكِنِ الإِْتْيَانُ بِجَمِيعِهَا لِكَثْرَتِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّل فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الْمُمْكِنِ، وَلاَ يُوَكِّل فِي الْمُمْكِنِ، وَفِي وَجْهٍ يُوَكِّل فِي الْجَمِيعِ.

وَعَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل غَيْرِهِ فِيهَا. (١)

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَخْلُو التَّوْكِيل مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْهَى الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ عَنِ التَّوْكِيلِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلاَفٍ، لأَِنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ.

الثَّانِي: أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيل فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ لَهُ فِعْلُهُ كَالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَيْنِ خِلاَفًا، وَإِنْ قَال لَهُ: وَكَّلْتُكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، لأَِنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّل عَامٌّ فِيمَا شَاءَ فَيَدْخُل فِي عُمُومِهِ التَّوْكِيل.

الثَّالِثُ: أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَلاَ يَخْلُو مِنْ أَقْسَامٍ ثَلاَثَةٍ:

الْقِسْمُ الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيل عَنْ مِثْلِهِ كَالأَْعْمَال الدَّنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ


(١) المبسوط ٩ / ١٠ ـ ١١، والإنصاف ٥ / ٣٦٢، وكشاف القناع ٣ / ٤٦٦، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٨٨، وروضة الطالبين ٤ / ٣١٨.