للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَابَ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُبَحْ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً أُبِيحَ لَهُ، لأَِنَّهُ قِيل لَهُ: إِنْ غَابَ يَوْمًا؟ قَال: يَوْمٌ كَثِيرٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا رَمَيْتَ فَأَقْعَصْتَ (١) فَكُل، وَإِنْ رَمَيْتَ فَوَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ مِنْ يَوْمِكَ أَوْ لَيْلَتِكَ فَكُل، وَإِنْ بَاتَ عَنْكَ لَيْلَةً فَلاَ تَأْكُل، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا حَدَثَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ (٢) .

تَحْدِيدُ مُدَّةِ الْغِيَابِ:

٢٧ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِغِيَابِ الصَّيْدِ لِيَحْرُمَ بَعْدَ ذَلِكَ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطِ الطَّلَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَبْل أَنْ يُنْتِنَ حَل، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلاَّ أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُل (٣) وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَأَدْرَكْتَهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ وَسَهْمُكَ فِيهِ فَكُلْهُ، مَا لَمْ يُنْتِنْ (٤) . وَلأَِنَّ جُرْحَهُ بِسَهْمِهِ


(١) أقعصت: القعص الموت الموحى أي: السريع.
(٢) المغني لابن قدامة ٨ / ٥٥٣، ٥٥٤.
(٣) حديث عدي بن حاتم: " وإن رميت الصيد فوجدته. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٦١٠) .
(٤) حديث أبي ثعلبة: " إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٥٣٢) .