للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيهَا الْقِصَاصَ، وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ لأَِنَّهُ يَعْظُمُ فِيهِ الْخَطَرُ، أَمَّا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْجُرُوحِ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، لاِحْتِمَال الزِّيَادَةِ وَالْحَيْفِ خَوْفًا مِنَ الإِْسْرَافِ، وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ عَمْدًا فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ لِتَعَمُّدِهِ (١) ، كَمَا نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ.

وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص) .

ب - الإِْسْرَافُ فِي الْحُدُودِ:

٢٥ - الْحَدُّ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَاجِبَةٌ حَقًّا لِلَّهِ. وَالْمُرَادُ بِالْعُقُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ: أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ وَمُحَدَّدَةٌ لاَ تَقْبَل الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَحَدُّ مَنْ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ (٢) أَوْ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَاحِدٌ. وَمَعْنَى أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهَا لاَ تَقْبَل الْعَفْوَ وَالإِْسْقَاطَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَلاَ يُمْكِنُ اسْتِبْدَال عُقُوبَةٍ أُخْرَى بِهَا، لأَِنَّهَا ثَبَتَتْ بِالأَْدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ، فَلاَ يَجُوزُ فِيهَا التَّعَدِّي وَالإِْسْرَافِ، وَهَذَا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (٣)

وَلِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْحَامِل، لأَِنَّ فِيهِ هَلاَكُ الْجَنِينِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا إِسْرَافٌ بِلاَ شَكٍّ. (٤) وَيُشْتَرَطُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي عُقُوبَتُهَا الْجَلْدُ، كَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَى فِي حَالَةِ عَدَمِ الإِْحْصَانِ أَلاَّ يَكُونَ فِي الْجَلْدِ خَوْفُ الْهَلاَكِ،


(١) نهاية المحتاج ٧ / ٢٨٦، والاختيار ٥ / ٤٢، والمغني ٧ / ٧٠٣، ٧٠٤، ومواهب الجليل ٦ / ٢٤٦.
(٢) عند الحنفية أقل ما يقطع به عشرة دراهم.
(٣) بدائع الصنائع ٧ / ٣٣، ومواهب الجليل ٦ / ٣١٨، والإقناع ٤ / ٢٤٤، والمغني ٨ / ٣١١، ٣١٢، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٩٤.
(٤) البدائع ٧ / ٥٩، ومواهب الجليل ٦ / ٣١٩، والمغني ٨ / ٣١٧، والدسوقي ٤ / ٣٢٢.