للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَوَاتِرِ، أَمَّا الْمُتَوَاتِرُ فَيُغْنِي تَوَاتُرُهُ عَنْ بَيَانِ إِسْنَادِهِ. وَقَدْ نَقَل مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: الإِْسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلاَ الإِْسْنَادُ لَقَال مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ (١) . وَقَال الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِلاَ سَنَدٍ كَحَاطِبِ لَيْلٍ يَحْمِل حُزْمَةَ حَطَبٍ وَفِيهِ أَفْعَى وَهُوَ لاَ يَدْرِي (٢) .

٥ - وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إِلَى الإِْسْنَادِ لِلْحَاجَةِ إِلَى ضَبْطِ الْمَرْوِيَّاتِ وَالتَّوَثُّقِ مِنْهَا، وَظَهَرَتْ تِلْكَ الْحَاجَةُ بَعْدَمَا شَرَعَ أَهْل الأَْهْوَاءِ فِي افْتِرَاءِ أَحَادِيثَ يُقَوُّونَ بِهَا مَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ. قَال ابْنُ سِيرِينَ: لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنَ الإِْسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْل السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَإِلَى أَهْل الْبِدَعِ فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ (٣) .

الإِْسْنَادُ وَثُبُوتُ الْحَدِيثِ:

٦ - إِنْ كَانَ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ صَحِيحًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ صِحَّةُ الْمَتْنِ وَثُبُوتُهُ، لاِحْتِمَال كَوْنِ الْحَدِيثِ شَاذًّا، أَوْ لاِحْتِمَال وُجُودِ عِلَّةٍ قَادِحَةٍ. فَإِنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَكُونُ صَحِيحًا إِذَا جَمَعَ إِلَى صِحَّةِ الإِْسْنَادِ السَّلاَمَةَ مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ. إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ أَئِمَّةَ نَقْدِ الْحَدِيثِ إِذَا قَال الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فِي حَدِيثٍ: إِنَّهُ صَحِيحُ الإِْسْنَادِ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، لأَِنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٨٦.
(٢) فيض القدير ١ / ٤٣٣ ط مصطفى محمد، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ١ / ١٦، والإمداد لمعرفة علوم الإسناد ص ٣ ط حيدر آباد دائرة المعارف العثمانية.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ٨٤.