للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ الأَْوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ، وَلأَِنَّ الْفِسْقَ لاَ يَتَحَقَّقُ بِهِ إِتْلاَفُ الْمَال وَلاَ عَدَمُ إِتْلاَفِهِ (أَيْ لاَ تَلاَزُمَ بَيْنَ الْفِسْقِ وَإِتْلاَفِ الْمَال) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَالاِسْتِدَامَةِ بِأَنْ بَلَغَ فَاسِقًا.

وَالْفَاسِقُ مَنْ يَفْعَل مُحَرَّمًا يُبْطِل الْعَدَالَةَ مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إِصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُحَرَّمِ عَمَّا يَمْنَعُ قَبُول الشَّهَادَةِ لإِِخْلاَلِهِ بِالْمُرُوءَةِ، كَالأَْكْل فِي السُّوقِ، فَإِنَّهُ لاَ يَمْنَعُ الرُّشْدَ لأَِنَّ الإِْخْلاَل بِالْمُرُوءَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (١) .

الْحَجْرُ عَلَى تَبَرُّعَاتِ الزَّوْجَةِ:

١٨ - الْمَرْأَةُ لَهَا ذِمَّةٌ مَالِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَهَا أَنْ تَتَبَرَّعَ مِنْ مَالِهَا مَتَى شَاءَتْ مَا دَامَتْ رَشِيدَةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (٢) } وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُمْ (ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا) وَإِطْلاَقِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيّكُنَّ وَأَنَّهُنَّ تَصَدَّقْنَ فَقَبِل صَدَقَتَهُنَّ وَلَمْ يَسْأَل وَلَمْ يَسْتَفْصِل، وَأَتَتْهُ زَيْنَبُ


(١) تبيين الحقائق ٥ / ١٩٨، والقوانين الفقهية ص ٢١١، ومغني المحتاج ٢ / ١٦٨ والمغني ٤ / ٥١٦ - ٥١٧.
(٢) سورة النساء / ٦.