للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال: أَلاَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالأَْصْنَامِ (١) ، لَكِنَّهُمْ أَقَرُّوا الْمُعَامَلَةَ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَ أَهْل الذِّمَّةِ، بِنَحْوِ شُرْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِثْلِهَا، بِشَرْطِ عَدَمِ الإِْظْهَارِ؛ لأَِنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ: أَنْ يُقَرَّ الذِّمِّيُّ عَلَى الْكُفْرِ مُقَابِل الْجِزْيَةِ، وَيُتْرَكَ هُوَ وَشَأْنُهُ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ مِنَ الْحِل وَالْحُرْمَةِ، وَالْمُعَامَلَةِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِمَّا يَعْتَقِدُ جَوَازَهَا.

وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ (٢) .

وَيَسْتَدِل الْحَنَفِيَّةُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِمْ، كَالْخَل وَالشَّاةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُشَّارِهِ بِالشَّامِ: أَنْ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْخَمْرِ مِنْهُمْ لِمَا أَمَرَهُمْ بِتَوْلِيَتِهِمُ الْبَيْعَ (٣) .

ب - ضَمَانُ الإِْتْلاَفِ:

٢٩ - إِذَا أَتْلَفَ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لِمُسْلِمٍ فَلاَ ضَمَانَ اتِّفَاقًا؛ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهِمَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ إِتْلاَفُهُمَا لأَِهْل الذِّمَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ مَا لاَ يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لاَ يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ (٤) .


(١) حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٢٤ ح ٢٢٣٦ تصوير عن الطبعة السلفية) .
(٢) البدائع للكاساني ٥ / ١٤٣، وجواهر الإكليل ١ / ٤٧٠، وحاشية الجمل ٣ / ٤٨١، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٤٥، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٤٣، والمغني لابن قدامة ٥ / ٢٢٣.
(٣) البدائع ٥ / ١٤٣.
(٤) مغني المحتاج ٢ / ٢٨٥، والمغني لابن قدامة ٥ / ٢٢٣.