للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسُؤَال النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الْعَدَالَةَ فَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَأَشْبَهُهُمَا: الاِكْتِفَاءُ، لأَِنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَال الْعُلَمَاءِ الْعَدَالَةُ، بِخِلاَفِ الْبَحْثِ عَنِ الْعِلْمِ فَلَيْسَ الْغَالِبُ مِنَ النَّاسِ الْعِلْمَ. (١)

وَقَال النَّوَوِيُّ: يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَفْتِي قَطْعًا الْبَحْثُ الَّذِي يَعْرِفُ بِهِ أَهْلِيَّةَ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ لِلإِْفْتَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِأَهْلِيَّتِهِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى الْعِلْمِ، وَانْتَصَبَ لِلتَّدْرِيسِ وَالإِْقْرَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَاصِبِ الْعُلَمَاءِ بِمُجَرَّدِ انْتِسَابِهِ وَانْتِصَابِهِ لِذَلِكَ، وَيَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ مَنِ اسْتَفَاضَ كَوْنُهُ أَهْلاً لِلْفَتْوَى، وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّمَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: أَنَا أَهْلٌ لِلْفَتْوَى، لاَ شُهْرَتُهُ بِذَلِكَ، وَلاَ يُكْتَفَى بِالاِسْتِفَاضَةِ وَلاَ بِالتَّوَاتُرِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الأَْوَّل. (٢)

تَخَيُّرُ الْمُسْتَفْتِي مَنْ يُفْتِيهِ:

٤٤ - إِنْ وَجَدَ الْمُسْتَفْتِي أَكْثَرَ مِنْ عَالِمٍ، وَكُلُّهُمْ عَدْلٌ وَأَهْلٌ لِلْفُتْيَا، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَفْتِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُمْ يَسْأَل مِنْهُمْ مَنْ يَشَاءُ وَيَعْمَل بِقَوْلِهِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَعْيَانِهِمْ لِيَعْلَمَ أَفْضَلَهُمْ عِلْمًا فَيَسْأَلَهُ، بَل


(١) روضة الطالبين ١١ / ١٠٣.
(٢) المجموع ١ / ٥٤.