للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَوْعُ الطَّلاَقِ الَّذِي يَقَعُ نَتِيجَةً لِلإِْيلاَءِ:

١٨ - إِذَا وَقَعَ الطَّلاَقُ نَتِيجَةً لِلإِْيلاَءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وُقُوعُهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِذَلِكَ مِنَ الْفُقَهَاءِ، أَمْ كَانَ وُقُوعُهُ بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ، بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ بِالطَّلاَقِ، أَوْ بِإِيقَاعِ الْقَاضِي عِنْدَ امْتِنَاعِ الزَّوْجِ مِنَ الطَّلاَقِ عِنْدَ مَنْ لاَ يَقُول بِوُقُوعِ الطَّلاَقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ طَلاَقًا بَائِنًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي فُرْقَةِ الْحَاكِمِ (١) . لأَِنَّهُ طَلاَقٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الزَّوْجَةِ، وَلاَ يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهَا إِلاَّ بِالطَّلاَقِ الْبَائِنِ، إِذْ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لاَسْتَطَاعَ الزَّوْجُ إِعَادَتَهَا فَلاَ تَتَخَلَّصُ مِنَ الضَّرَرِ؛ وَلأَِنَّ الْقَوْل بِوُقُوعِ الطَّلاَقِ رَجْعِيًّا يُؤَدِّي إِلَى الْعَبَثِ؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْفَيْءِ وَالتَّطْلِيقِ يُقَدَّمُ إِلَى الْقَاضِي لِيُطَلِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي يُرَاجِعُهَا ثَانِيًا، فَيَكُونُ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي عَبَثًا، وَالْعَبَثُ لاَ يَجُوزُ.

وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ الطَّلاَقَ الْوَاقِعَ بِالإِْيلاَءِ طَلاَقٌ رَجْعِيٌّ مَا دَامَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ دَخَل بِهَا الزَّوْجُ قَبْل ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ طَلاَقٌ لاِمْرَأَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلاَ اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ، فَيَكُونُ رَجْعِيًّا كَالطَّلاَقِ فِي غَيْرِ الإِْيلاَءِ.

وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ شَيْئًا لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنَ الْمُولِي، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا - وَقَدْ بَقِيَتْ مُدَّةُ الإِْيلاَءِ - ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةٌ أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لِرَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَرْأَةِ.

وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ انْحِلاَل الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ بِالْوَطْءِ فِيهَا، أَوْ بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفِّرُ، أَوْ


(١) البدائع ٣ / ١٧٧، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٣١.