للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمُ مَنْ أَخَذَ الزَّكَاةَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا:

١٨٨ - لاَ يَحِل لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ أَخْذُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، إِجْمَاعًا. فَإِنْ أَخَذَهَا فَلَمْ تُسْتَرَدَّ مِنْهُ فَلاَ تَطِيبُ لَهُ، بَل يَرُدُّهَا أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهَا؛ لأَِنَّهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَعَلَى دَافِعِ الزَّكَاةِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَعَرُّفِ مُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ، فَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ اجْتِهَادِهِ، أَوْ كَانَ اجْتِهَادُهُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَأَعْطَاهُ لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ، إِنْ تَبَيَّنَ الآْخِذُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَالْمُرَادُ بِالاِجْتِهَادِ النَّظَرُ فِي أَمَارَاتِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الآْخِذِ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ كَذَلِكَ (١) .

١٨٩ - أَمَّا إِنِ اجْتَهَدَ فَدَفَعَ لِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ فَتَبَيَّنَ عَدَمُ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: تُجْزِئُهُ، وَقَال آخَرُونَ: لاَ تُجْزِئُهُ، عَلَى تَفْصِيلٍ يَخْتَلِفُ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ.

فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ: إِنْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إِلَى مَنْ يَظُنُّهُ فَقِيرًا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ، أَوْ دَفَعَ فِي ظُلْمَةٍ، فَبَانَ أَنَّ الآْخِذَ أَبُوهُ، أَوِ ابْنُهُ فَلاَ إِعَادَةَ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَال: كَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَال: وَاَللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ،


(١) ابن عابدين ٢ / ٦٨، والهداية وفتح القدير ٢ / ٢٦.