للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرِّيحُ رَائِحَةَ ذَلِكَ إِلَى الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ وَلاَ خِلاَفَ فِي هَذَا، قَال بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ إِذَا سَدَّ فَمَ الإِْنَاءِ بِشَجَرٍ وَنَحْوِهِ فَتَغَيَّرَ مِنْهُ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ لِشَيْءِ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمُجَاوِرُ الْمُلاَصِقُ فَمَثَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالدُّهْنِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ وَقَيَّدَهُ بِالْمُلاَصِقِ (١) .

وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ لَفْظُ مُجَاوَرَةٍ وَإِنَّمَا وُجِدَ عِنْدَهُمْ لَفْظُ الْمُخَالَطَةِ، فَقَال الشُّرُنْبُلاَلِيُّ: لاَ يَضُرُّ تَغَيُّرُ أَوْصَافِ الْمَاءِ بِجَامِدٍ خَالَطَهُ بِدُونِ طَبْخٍ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ.

وَفِي اللُّبَابِ عَلَى الْقُدُورِيِّ: لَوْ خَرَجَ الْمَاءُ عَنْ طَبْعِهِ (بِالْخَلْطِ) أَوْ حَدَثَ لَهُ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ لاَ تَجُوزُ بِهِ الطَّهَارَةُ (٢) .

ب - مُجَاوَرَةُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ

٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مُجَاوَرَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.

فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ مَكْرُوهَةٌ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَبِقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ قَال الْخَائِفُونَ الْمُحْتَاطُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَمَا فِي الإِْحْيَاءِ قَال: وَلاَ يُظَنُّ أَنَّ كَرَاهَةَ الْقِيَامِ تُنَاقِضُ فَضْل


(١) مواهب الجليل ١ / ٥٤.
(٢) مراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص١٥ واللباب للميداني علي القدوري ١ / ١٩ - ٢٠ - ط. دار إحياء التراث بيروت.