للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِمَالَةُ الْهَاشِمِيِّ عَلَى الصَّدَقَةِ بِأَجْرٍ مِنْهَا:

١٣ - قَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل الْخِرَقِيِّ: إِنَّهُ لاَ يَحِل لِلْهَاشِمِيِّ أَنْ يَكُونَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَاتِ بِأَجْرٍ مِنْهَا، تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ، وَلِمَا رَوَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالاَ: لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلاَمَيْنِ لِي وَلِلْفَضْل بْنِ الْعَبَّاسِ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّرَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَصَابَا مِنْهَا كَمَا يُصِيبُ النَّاسُ. فَقَال عَلِيٌّ: لاَ تُرْسِلُوهُمَا. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، قَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ وَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَل النَّاسِ، وَجِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ كَمَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبُ كَمَا يُصِيبُونَ. قَال: فَسَكَتَ طَوِيلاً، ثُمَّ قَال: إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآِل مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. (١)

وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَخْذَ الْهَاشِمِيِّ الْعَامِل عَلَى الصَّدَقَاتِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا لاَ حَرَامٌ. (٢)

وَجَوَّزَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الْحَمَّال وَالْكَيَّال وَالْوَزَّانُ وَالْحَافِظُ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا. (٣)

وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِلآْل الأَْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ عِمَالَةً، لأَِنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ أَجْرٌ، فَجَازَ لَهُمْ


(١) ابن عابدين ٢ / ٦١، وفتح القدير ٢ / ٢٤، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٩٥، وحاشية الشرقاوي ١ / ٣٩٢، والمغني ٢ / ٥٢٠ والحديث رواه مسلم (بشرح النووي ٧ / ١٧٧ ط العصرية) .
(٢) ابن عابدين ٢ / ٦١
(٣) حاشية الشرقاوي ١ / ٣٩٢