للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِلْحَنَفِيَّةِ رَأْيٌ آخَرُ، وَهُوَ: أَنَّ الْمَبِيعَ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي، لاَ يَضْمَنُ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ فِي الْحِفْظِ، لأَِنَّهُ مَالٌ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فِي عَقْدٍ وُجِدَ صُورَةً لاَ مَعْنًى، فَالْتَحَقَ بِالْعَدَمِ وَبَقِيَ إِذْنُهُ بِالْقَبْضِ (١) .

د - تَجَزُّؤُ الْبَيْعِ الْبَاطِل:

١٢ - الْمُرَادُ بِتَجَزُّؤِ الْبَيْعِ الْبَاطِل: أَنْ يَشْتَمِل الْبَيْعُ عَلَى مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَيَكُونُ فِي شِقٍّ مِنْهُ صَحِيحًا وَفِي الشِّقِّ الآْخَرِ بَاطِلاً، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: إِذَا اجْتَمَعَ الْحَلاَل وَالْحَرَامُ غُلِّبَ الْحَرَامُ. وَأَدْخَل الْفُقَهَاءُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا يُسَمَّى بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ،

وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لاَ يَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.

وَعَقْدُ الْبَيْعِ إِذَا كَانَ فِي شِقٍّ مِنْهُ صَحِيحًا، وَفِي الشِّقِّ الآْخَرِ بَاطِلاً، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعَصِيرِ وَالْخَمْرِ، أَوْ بَيْنَ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيْتَةِ، وَبِيعَ ذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - عَدَا ابْنَ الْقَصَّارِ مِنْهُمْ - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ (وَادَّعَى الإِْسْنَوِيُّ فِي كِتَابِ الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ


(١) البدائع ٥ / ٣٠٥، وابن عابدين ٤ / ١٠٥، ودرر الحكام المادة (٣٧٠) ١ / ٣٣٤.