للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - نَقْضُ الْقَاضِي أَحْكَامَ نَفْسِهِ:

٣٤ - الأَْصْل أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا حَكَمَ فَلَيْسَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ نَقْضُ حُكْمِهِ إِلاَّ إِذَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا، لَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ نَصُّوا كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ وَهِمَ فِي قَضَائِهِ أَوْ نَسِيَ أَوْ قَضَى بِخِلاَفِ رَأْيِهِ - وَهُوَ لاَ يَذْكُرُ - وَلَكِنْ عَلَى مَا قَضَى بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً، فَيَنْقُضُهُ بِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي يَقُول بِمُضِيِّ هَذَا الْفَصْل وَلاَ يُرْجَعُ فِيهِ.

وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ كُل قَضَاءٍ لاَ يُعْرَفُ خَطَؤُهُ إِلاَّ مِنْ جِهَتِهِ كَمُخَالَفَتِهِ لِرَأْيِهِ السَّابِقِ فَلاَ يَنْقُضُهُ سِوَاهُ، مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ.

ب - نَقْضُ الْقَاضِي أَحْكَامَ غَيْرِهِ:

٣٥ - لَيْسَ عَلَى الْقَاضِي تَتَبُّعُ قَضَاءِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ لأَِنَّ الظَّاهِرَ صِحَّتُهَا، لَكِنْ إِنْ وَجَدَ فِيهَا مُخَالَفَةً صَرِيحَةً نَقَضَهَا، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل مَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ يَنْقُضُ الْحُكْمَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.

وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ مَا نَقَضَ بِهِ قَضَاءَ نَفْسِهِ نَقَضَ بِهِ قَضَاءَ غَيْرِهِ، وَمَا لاَ فَلاَ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا (١) .


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٢٧٨، وروضة القضاة ١ / ٣١٩، ٣٢٣، وتبصرة الحكام ١ / ٧١، ٧٤، وروضة الطالبين ١١ / ١٥٠، ١٥١، والمغني ٩ / ٥٦، ٥٧.