للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ، فَهُمْ يُوَافِقُونَ عَلَى بُطْلاَنِ الاِسْتِثْنَاءِ إِنْ كَانَ بِعَيْنِ لَفْظِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَقَوْلِهِ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ إِلاَّ عَبِيدِي، أَوْ بِلَفْظٍ مُسَاوٍ لَهُ، كَقَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ إِلاَّ زَوْجَاتِي.

أَمَّا إِنْ كَانَ بِغَيْرِهِمَا كَقَوْلِهِ: ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إِلاَّ أَلْفًا، وَالثُّلُثُ أَلْفٌ. فَيَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ وَلاَ يَسْتَحِقُّ زَيْدٌ شَيْئًا.

فَالشَّرْطُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِيهَامُ الْبَقَاءِ لاَ حَقِيقَتُهُ، حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا سِتًّا إِلاَّ أَرْبَعًا صَحَّ، وَوَقَعَ ثِنْتَانِ. وَإِنْ كَانَتِ السِّتَّةُ لاَ صِحَّةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَزِيدُ عَنْ ثَلاَثٍ، وَمَعَ هَذَا لاَ يُجْعَل كَأَنَّهُ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا إِلاَّ أَرْبَعًا، فَكَأَنَّ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ أَوْلَى (١) .

وَجَعَل صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ أَنْ يَقُول مَثَلاً: " لَهُ عَلَيَّ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ وَدِرْهَمَانِ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ " فَلاَ يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ، وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَهُوَ فِي مِثَالِنَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ (٢) .

اسْتِثْنَاءُ الأَْكْثَرِ وَالأَْقَل:

١٨ - أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ، وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا كَمَا تَقَدَّمَ، نَحْوُ: " لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلاَّ سِتَّةً (٣) أَوْ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلاَّ خَمْسَةً ". وَنَسَبَ صَاحِبُ فَوَاتِحِ


(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٥٨، ومسلم الثبوت ١ / ٣٢٣، ٣٢٤
(٢) المغني لابن قدامة ٥ / ١٥٩، ١٦٠ نشر مكتبة الرياض الحديثة
(٣) ابن عابدين ٤ / ٤٥٨