للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَوْ قَذَفَ رَجُلاً بِوَطْءِ امْرَأَةٍ فِي دُبُرِهَا.

وَإِنْ قَال لِرَجُلٍ: " يَا لُوطِيُّ "، وَقَال: أَرَدْتُ أَنَّكَ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ، وَمَا صَحَّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَلاَ يُسْمَعُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يُحِيل الْقَذْفَ، لأَِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لاَ يُفْهَمُ مِنْهَا إِلاَّ الْقَذْفُ بِعَمَل قَوْمِ لُوطٍ، فَكَانَتْ صَرِيحَةً فِيهِ، كَقَوْلِهِ: " يَا زَانِي "، وَلأَِنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلاَ يُحْتَمَل أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِمْ.

وَقَال الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: إِذَا قَال: نَوَيْتُ أَنَّ دِينَهُ دِينُ قَوْمِ لُوطٍ، فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ أَنَّكَ تَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فَسَّرَ كَلاَمَهُ بِمَا لاَ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهُوَ يَحْتَمِل، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ، كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِهِ مُتَّصِلاً بِكَلاَمِهِ (١) .

حُكْمُ التَّعْرِيضِ:

١٢ - وَأَمَّا التَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِهِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ قَذْفٌ، كَقَوْلِهِ: مَا أَنَا بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُحَدُّ؛ لأَِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٥٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٢٦، والشرح الصغير ٢ / ٤٢٦ ط الحلبي، والمهذب ٢ / ٢٩٠، والمغني ٨ / ٢٢١.