للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّحْيَانِ:

٤٥ - اللَّحْيَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الأَْسْنَانُ السُّفْلَى، وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ، وَقَدْ صَرَّحَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِأَنَّ فِي اللَّحْيَيْنِ دِيَةً كَامِلَةً، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ كَالأُْذُنَيْنِ.

وَعَلَّلُوا وُجُوبَ الدِّيَةِ فِيهِمَا بِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالاً وَمَنْفَعَةً، وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلُهُمَا فَكَانَتْ فِيهِمَا الدِّيَةُ كَسَائِرِ مَا فِي الْبَدَنِ مِنْهُ شَيْئَانِ، وَإِنْ قَلَعَهُمَا بِمَا عَلَيْهِمَا مِنْ أَسْنَانٍ وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا وَدِيَةُ الأَْسْنَانِ، وَلَمْ تَدْخُل دِيَةُ الأَْسْنَانِ فِي دِيَتِهِمَا، بِخِلاَفِ دِيَةِ الأَْصَابِعِ فَإِنَّهَا تَدْخُل فِي دِيَةِ الْيَدِ.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ اللَّحْيَيْنِ يُوجَدَانِ قَبْل وُجُودِ الأَْسْنَانِ فِي الْخِلْقَةِ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ ذَهَابِهَا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، وَإِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ اللَّحْيَيْنِ وَالأَْسْنَانِ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ، وَلاَ يَدْخُل أَحَدُهُمَا فِي اسْمِ الآْخَرِ، بِخِلاَفِ الأَْصَابِعِ وَالْكَفِّ، فَإِنَّ اسْمَ الْيَدِ يَشْمَلُهُمَا، وَأَنَّ الأَْسْنَانَ مَغْرُوزَةٌ فِي اللَّحْيَيْنِ وَلاَ تُعْتَبَرُ جُزْءًا مِنْهُمَا بِخِلاَفِ الْكَفِّ مَعَ الأَْصَابِعِ؛ لأَِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ (١) .

وَاسْتَشْكَل الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِيجَابَ الدِّيَةِ فِي اللَّحْيَيْنِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِمَا خَبَرٌ، وَالْقِيَاسُ لاَ يَقْتَضِيهِ؛ لأَِنَّهُمَا مِنَ الْعِظَامِ الدَّاخِلَةِ فَيُشْبِهَانِ التَّرْقُوَةَ وَالضِّلْعَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لاَ دِيَةَ فِي السَّاعِدِ وَالْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَالْفَخِذِ، وَهِيَ عِظَامٌ فِيهَا جَمَالٌ


(١) مغني المحتاج ٤ / ٦٥، والبجيرمي ٤ / ١٥٤، والمغني ٨ / ٢٧.