للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُسْتَفْتَى عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا وَنُقِل عَنْ سُفْيَانَ وَسَحْنُونٍ: أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا، فَالَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ مُتَهَيِّبًا لِلإِْفْتَاءِ، لاَ يَتَجَرَّأُ عَلَيْهِ إِلاَّ حَيْثُ يَكُونُ الْحُكْمُ جَلِيًّا فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ، أَوْ يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا تَعَارَضَتْ فِيهِ الأَْقْوَال وَالْوُجُوهُ وَخَفِيَ حُكْمُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَثَبَّتَ وَيَتَرَيَّثَ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ وَجْهُ الْجَوَابِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ تَوَقَّفَ.

وَفِيمَا نُقِل عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ يُسْأَل عَنْ خَمْسِينَ مَسْأَلَةً فَلاَ يُجِيبُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَكَانَ يَقُول: مَنْ أَجَابَ فَيَنْبَغِي قَبْل الْجَوَابِ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَكَيْفَ خَلاَصُهُ، ثُمَّ يُجِيبُ، وَعَنِ الأَْثْرَمِ قَال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُكْثِرُ أَنْ يَقُول: لاَ أَدْرِي (١) .

الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ:

٨ - الإِْفْتَاءُ بِغَيْرِ عِلْمٍ حَرَامٌ، لأَِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، وَيَتَضَمَّنُ إِضْلاَل النَّاسِ، وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِْثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا


(١) المجموع شرح المهذب ١ / ٤٠، ٤١.