للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعْصِيَةٌ فَلاَ يُنَاسِبُ الرُّخْصَةَ لأَِنَّ تَرْتِيبَ التَّرَخُّصِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ سَعْيٌ فِي تَكْثِيرِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِسَبَبِهَا، وَأَمَّا مُقَارَنَةُ الْمَعَاصِي لأَِسْبَابِ الرُّخَصِ فَلاَ تَمْنَعُ إِجْمَاعًا، كَمَا يَجُوزُ لأَِفْسَقِ النَّاسِ وَأَعْصَاهُمُ التَّيَمُّمُ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَهُوَ رُخْصَةٌ، وَكَذَلِكَ الْفِطْرُ إِذَا أَضَرَّ بِهِ الصَّوْمُ، وَالْجُلُوسُ إِذَا أَضَرَّ بِهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلاَةِ، وَيُقَارِضُ وَيُسَاقِي وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الرُّخَصِ، وَلاَ تَمْنَعُ الْمَعَاصِي مِنْ ذَلِكَ، لأَِنَّ أَسِبَابَ هَذِهِ الأُْمُورِ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ، بَل هِيَ عَجْزُهُ عَنِ الصَّوْمِ وَنَحْوِهِ، وَالْعَجْزُ لَيْسَ مَعْصِيَةً، فَالْمَعْصِيَةُ هَاهُنَا مُقَارِنَةٌ لِلسَّبَبِ لاَ سَبَبٌ (١) .

إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ لاِبْنِ السَّبِيل الْمُسَافِرِ فِي مَعْصِيَةٍ

١٥ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ ابْنَ السَّبِيل لاَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلاَ يَشْتَرِطُونَ لإِِِعْطَاءِ الزَّكَاةِ ابْنَ السَّبِيل عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ بِسَفَرِهِ (٢) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (زَكَاةٌ ف ١٧٥) .


(١) الفروق للقرافي ٢ / ٣٣ - ٣٤، وانظر تهذيب الفروق بهامش الفروق ٢ / ٤٤.
(٢) الشرح الصغير ١ / ٦٦٣، ٦٦٤، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٩٧ - ٤٩٨، والمجموع ٦ / ٢١٤، والقليوبي ٣ / ١٩٨، وكشاف القناع ٢ / ٢٨٧، وحاشية ابن عابدين ١ / ٥٢٧.