للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاِكْتِسَابُ قَدْ يَكُونُ بِاحْتِرَافِ حِرْفَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ احْتِرَافِ حِرْفَةٍ، كَمَنْ يَعْمَل يَوْمًا عِنْدَ نَجَّارٍ، وَيَوْمًا عِنْدَ حَدَّادٍ، وَيَوْمًا حَمَّالاً، دُونَ أَنْ يَبْرَعَ أَوْ يَسْتَقِرَّ فِي عَمَلٍ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٤ - أ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الاِكْتِسَابَ فَرْضٌ عَلَى الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ بِهِ يَقُومُ الْمُكَلَّفُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكَالِيفِ الْمَالِيَّةِ، مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَى النَّفْسِ وَالزَّوْجَةِ وَالأَْوْلاَدِ الصِّغَارِ، وَالأَْبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيل اللَّهِ (١) وَغَيْرِ ذَلِكَ.

ب - وَيُفَصِّل ابْنُ مُفْلِحٍ الْحَنْبَلِيُّ حُكْمَ الاِكْتِسَابِ بِحَسَبِ أَحْوَال الْمُكْتَسِبِ، وَخُلاَصَةُ كَلاَمِهِ: يُسَنُّ التَّكَسُّبُ مَعَ تَوَفُّرِ الْكِفَايَةِ لِلْمُكْتَسِبِ، قَال الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُول لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِنِّي فِي كِفَايَةٍ، قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: الْزَمِ السُّوقَ تَصِل بِهِ رَحِمَكَ، وَتَعُدْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ.

وَيُبَاحُ التَّكَسُّبُ لِزِيَادَةِ الْمَال وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَال، مَعَ سَلاَمَةِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَالْمُرُوءَةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

وَيَجِبُ التَّكَسُّبُ عَلَى مَنْ لاَ قُوتَ لَهُ وَلَمِنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ نَذْرُ طَاعَةٍ أَوْ كَفَّارَةٌ (٢) . وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ النَّفَقَةِ.

وَيَرَى الْمَاوَرْدِيُّ - الشَّافِعِيُّ - فِي كِتَابِهِ أَدَبِ الدُّنْيَا


(١) انظر المبسوط ٣٠ / ٢٤٤ وما بعدها. .، ومغني المحتاج ٣ / ٤٤٨ وجمع الجوامع ٢ / ٤٣٦ طبع البابي الحلبي ١٣٥٦.
(٢) الآداب الشرعية ٣ / ٢٧٨ و ٢٨٢ طبع المنار سنة ١٣٤٩.