للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ فَاتَ مَا ابْتَاعَهُ فَإِنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّ الْمَال، وَخَسَارَتَهُ عَلَى الْمُبْضِعِ مَعَهُ. وَمِثْلُهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَعَدِّي الْمُبْضَعِ. (١) وَيُؤْخَذُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فَهُوَ لِرَبِّ الْمَال، وَإِنْ ظَهَرَتْ خَسَارَةٌ فَهِيَ عَلَى الْعَامِل لِتَعَدِّيهِ. وَقَوَاعِدُ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تَأْبَى ذَلِكَ.

تَلَفُ الْمَال أَوْ خَسَارَتُهُ:

١٣ - عَقْدُ الإِْبْضَاعِ مِنْ عُقُودِ الأَْمَانَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى مَنْ فِي يَدِهِ الْمَال إِنْ تَلِفَ أَوْ خَسِرَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلاَ تَعَدٍّ، فَيُسْمَعُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلاَكٍ أَوْ خَسَارَةٍ. بَل قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ حَتَّى وَلَوْ قَال رَبُّ الْمَال: وَعَلَيْكَ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ أَمَانَةً. وَالْمَرْوِيُّ عَنْ صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي شَأْنِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، أَنَّهُ لاَ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي الْهَلاَكِ إِلاَّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُل عَلَى صِدْقِهِ، كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ، وَاللِّصِّ الْكَاسِرِ، وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ، وَقَالاَ: إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الاِسْتِحْسَانُ، لِتَغَيُّرِ أَحْوَال النَّاسِ، وَأَفْتَى بِذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ فِي شَأْنِ الصُّنَّاعِ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِ الصُّنَّاعِ أَمَانَةٌ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي يَدِ الْمُبْضَعِ، فَلاَ يَبْعُدُ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ. (٢)

اخْتِلاَفُ الْعَامِل وَرَبِّ الْمَال:

١٤ - إِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَال وَالْعَامِل فَادَّعَى الْعَامِل أَنَّهُ أَخَذَ الْمَال مُضَارَبَةً، وَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ، قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: الْقَوْل قَوْل الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ. وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ


(١) المرجع نفسه ٥ / ٢٥٥، والأم ٣ / ٢٣٧ ط بولاق. والمغني ٥ / ٥٩ ط الرياض، ورد المحتار ٤ / ٤٠٥ والبدائع ٧ / ٣٤٧١، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٧٧
(٢) مواهب الجليل ٥ / ٣٧١، والمقفع ٢ / ١٧٢، ١٧٥، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٤٠، والقليوبي ٣ / ٨١ ط عيسى الحلبي، والمهذب ١ / ٤٠٨