للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِاسْتِغْرَاقِ الْحَوْل كُلِّهِ فِي الأَْصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُمْتَدِّ مَا كَانَ أَقَل مِنْ ذَلِكَ.

فَالْجُنُونُ إِنْ كَانَ مُمْتَدًّا سَقَطَ مَعَهُ وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ فَلاَ تُشْغَل بِهَا ذِمَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ وَهُوَ طَارِئٌ لَمْ يَمْنَعِ التَّكْلِيفَ وَلاَ يَنْفِي أَصْل الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ بِالذِّمَّةِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ، وَلِذَلِكَ يَرِثُ وَيَمْلِكُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ، وَكَانَ أَصْلِيًّا فَحُكْمُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حُكْمُ الْمُمْتَدِّ؛ لأَِنَّهُ نَاطَ الإِْسْقَاطَ بِالْكُل مِنَ الاِمْتِدَادِ وَالأَْصَالَةِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّارِئِ فَيُنَاطُ الإِْسْقَاطُ بِالاِمْتِدَادِ (١) .

أَثَرُ الْجُنُونِ فِي الأَْهْلِيَّةِ:

٩ - الْجُنُونُ مِنْ عَوَارِضِ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ وَهُوَ يُزِيلُهَا مِنْ أَصْلِهَا، فَلاَ تَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ آثَارُهَا الشَّرْعِيَّةُ؛ لأَِنَّ أَسَاسَ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ فِي الإِْنْسَانِ التَّمْيِيزُ وَالْعَقْل، وَالْمَجْنُونُ عَدِيمُ الْعَقْل وَالتَّمْيِيزِ.

وَلاَ يُؤَثِّرُ الْجُنُونُ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّهَا ثَابِتَةٌ لِكُل إِنْسَانٍ، فَكُل إِنْسَانٍ أَيًّا كَانَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلْوُجُوبِ هِيَ حَيَاتُهُ الإِْنْسَانِيَّةُ.

وَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَجْنُونِ بِمُقْتَضَى أَهْلِيَّتِهِ لِلْوُجُوبِ مِنْ وَاجِبَاتٍ مَالِيَّةٍ يُؤَدِّيهَا عَنْهُ وَلِيُّهُ.


(١) كشف الأسرار ٤ / ٢٦٣، ٢٦٤ وما بعدها، وابن عابدين ١ / ٥١٦، وتيسير التحرير ٢ / ٢٦١.