للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَابِعًا: كَوْنُ رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ مُسَلَّمًا إِِلَى الْعَامِل

٢٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي وَابْنُ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِل مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي رَأْسِ مَال الْمُضَارَبَةِ وَمُسْتَقِلًّا بِالْيَدِ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ الْمَال، وَعَبَّرَ عَنْهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إِِلَيْهِ، وَلِلْفُقَهَاءِ مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي التَّعْبِيرِ خِلاَفٌ فِي التَّعْلِيل وَالتَّفْصِيل.

فَقَال الْكَاسَانِيُّ: يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال إِِلَى الْمُضَارِبِ لأَِنَّهُ أَمَانَةٌ، فَلاَ تَصِحُّ إِِلاَّ بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ كَالْوَدِيعَةِ وَلاَ تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مَعَ بَقَاءِ يَدِ الدَّافِعِ عَلَى الْمَال لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ مَعَ بَقَاءِ يَدِهِ، حَتَّى لَوْ شَرَطَ بَقَاءَ يَدِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَال فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ.

وَلَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ عَمَل رَبِّ الْمَال فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ، سَوَاءٌ عَمِل رَبُّ الْمَال مَعَهُ أَوْ لَمْ يَعْمَل، لأَِنَّ شَرْطَ عَمَلِهِ مَعَهُ شَرْطُ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَى الْمَال وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ، فَلاَ بُدَّ مِنْ زَوَال يَدِ رَبِّ الْمَال عَنْ مَالِهِ لِتَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، حَتَّى إِِنَّ الأَْبَ أَوِ الْوَصِيَّ إِِذَا دَفَعَ مَال الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَل الصَّغِيرِ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، لأَِنَّ