للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوَّلاً: قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} . (١)

إِذْ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالآْيَةِ أَوْلاَدُ الأُْمِّ عَلَى الْخُصُوصِ، كَمَا أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ. وَيَدُل عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ. فَتَشْرِيكُ الأَْشِقَّاءِ مَعَ أَوْلاَدِ الأُْمِّ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الآْيَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الآْيَةِ الأُْخْرَى {فَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ} . (٢) ، إِذِ الْمُرَادُ مِنَ الإِْخْوَةِ فِي الآْيَةِ كُل الإِْخْوَةِ، مَا عَدَا إِخْوَةَ الأُْمِّ. وَقَدْ جَعَل اللَّهُ فِيهَا حَظَّ الذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ. وَلَكِنِ الْقَائِلِينَ بِالتَّشْرِيكِ يُسَوُّونَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى وَفِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لَهَا.

ثَانِيًا: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلأَِوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ (٣) وَإِلْحَاقُ الْفَرَائِضِ بِأَهْلِهَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لأَِوْلاَدِ الأُْمِّ فِي الْمَسْأَلَةِ كُل الثُّلُثِ؛ لأَِنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ، فَمُشَارَكَةُ الإِْخْوَةِ لأَِبٍ وَأُمٍّ فِيهَا مُخَالَفَةٌ لِلْحَدِيثِ.

ثَالِثًا: أَنَّ الإِْجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلاَدِ الأُْمِّ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الإِْخْوَةِ الأَْشِقَّاءِ، فَإِنَّ وَلَدَ الأُْمِّ يَأْخُذُ السُّدُسَ، وَكُل الإِْخْوَةِ يَأْخُذُونَ الثُّلُثَ.

فَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ يَفْضُلُهُمْ هَذَا الْفَضْل، فَلِمَ لاَ يَجُوزُ لِلاِثْنَيْنِ إِسْقَاطُهُمْ.


(١) سورة النساء / ١٢
(٢) سورة النساء / ١٧٦
(٣) حديث تقدم (هامش ف ٤)