للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مِثْل هَذِهِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ: " رُبَّمَا بِفِعْلِهِ تَكْثُرُ الأَْوْقَافُ، وَمِمَّا بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ عَمَّرَ مِثْل ذَلِكَ بِأَمْوَال التُّجَّارِ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ الدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ، بَل فَازَ بِقُرْبَةِ الْوَقْفِ، وَفَازَ التُّجَّارُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُحِبُّ مَا خَفَّفَ عَلَى أُمَّتِهِ (١) وَالدِّينُ يُسْرٌ وَلاَ مَفْسَدَةَ فِي ذَلِكَ فِي الدِّينِ " (٢) . ا. هـ

١٥ - صُورَةٌ خَامِسَةٌ: تُضَافُ إِلَى الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْعَدَوِيُّ: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ حَقَّ الْخُلُوِّ شِرَاءً مِنَ النَّاظِرِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّفْعُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ نَفْسُهُ، فَظَاهِرُ كَلاَمِ الْعَدَوِيِّ نَفْسِهِ وَكَلاَمِ غَيْرِهِ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الْخُلُوِّ. وَوَجْهُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ كَبَيْعِ جُزْءٍ مِنَ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ، إِذْ أَنَّ قِيمَتَهُ إِذَا كَانَ مُحَمَّلاً بِحَقِّ الْخُلُوِّ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَمَّلاً بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَجَازَ فِي الصُّوَرِ الأَْرْبَعِ السَّابِقَةِ لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَقُصَ مِنَ الْوَقْفِ لِيُعِيدَهُ فِيهِ مَعَ حَاجَةِ الْوَقْفِ إِلَى ذَلِكَ. وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْحَنَابِلَةَ لَمَّا أَجَازُوا بَيْعَ الْوَقْفِ إِذَا خَرِبَ وَتَعَطَّل، قَال الْبُهُوتِيُّ:


(١) " كان يحب ما يخفف على أمته ". يستنبط ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٢٤ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(٢) الفتاوى الخيرية ١ / ١٨٠.