للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمُ الْمَفْقُودِ، عَلَى التَّفْصِيل وَالْخِلاَفِ الَّذِي سَبَقَ (ف: ١٢١) . فَإِنِ ادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُقْبَل ذَلِكَ إِلاَّ بِشَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ، لأَِنَّ إِسْلاَمَهُ كَانَ مَعْلُومًا بِاسْتِصْحَابِ الْحَال، فَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، لأَِنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ لاَ تُقْبَل فِي الأُْمُورِ الْجُزْئِيَّةِ، فَعَدَمُ قَبُولِهَا فِي أَمْرِ الدِّينِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الأُْمُورِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِرِدَّتِهِ، وَأَنْكَرَ الرِّدَّةَ فَلاَ يَنْقُضُ الْقَاضِي حُكْمَهُ، فَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَلاَ مَالُهُ إِلاَّ مَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ وَارِثِهِ، كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ الْمَعْرُوفِ إِذَا جَاءَ تَائِبًا (١) .

مِيرَاثُ الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَالْهَدْمَى:

١٢٤ - قَال السَّرَخْسِيُّ: اتَّفَقَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلاً أَنَّهُ لاَ يَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا يُجْعَل مِيرَاثُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِوَرَثَتِهِ الأَْحْيَاءِ، وَبِذَلِكَ قَضَى زَيْدٌ فِي قَتْلَى الْيَمَامَةِ، وَفِيمَنْ مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ، وَفِي قَتْلَى الْحَرَّةِ، وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ عَلِيٍّ فِي قَتْلَى الْجَمَل وَصِفِّينَ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ أَخَذَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرِثُ مِنْ بَعْضٍ إِلاَّ فِيمَا وَرِثَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ، لأَِنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِيرَاثَ صَاحِبِهِ مَعْلُومٌ، وَهُوَ حَيَاتُهُ، وَسَبَبُ الْحِرْمَانِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَيَجِبُ التَّمَسُّكُ بِحَيَاتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِيَقِينٍ آخَرَ، وَسَبَبُ الْحِرْمَانِ مَوْتُهُ قَبْل


(١) السراجية ص ٣٣٥ - ٣٣٧