للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَمَل الْمُسْلِمِ فِي الْكَنِيسَةِ

٣٠ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْمَل لأَِهْل الذِّمَّةِ فِي الْكَنِيسَةِ نَجَّارًا أَوْ بَنَّاءً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ إِِعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَمِنْ خَصَائِصِ دِينِهِمُ الْبَاطِل، وَلأَِنَّهُ إِِجَارَةٌ تَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَ دِينِهِمْ وَشَعَائِرِهِمْ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يُؤَدَّبُ الْمُسْلِمُ إِِلاَّ أَنَّ يَعْتَذِرَ بِجَهَالَةٍ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَعْمَل فِي الْكَنِيسَةِ وَيَعْمُرَهَا لاَ بَأْسَ بِهِ لأَِنَّهُ لاَ مَعْصِيَةَ فِي عَيْنِ الْعَمَل (١) .

ضَرْبُ النَّاقُوسِ فِي الْمَعَابِدِ

٣١ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ إِِظْهَارِ ضَرْبِ النَّوَاقِيسِ فِي مَعَابِدِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِإِِِخْفَائِهَا وَضَرْبِهَا فِي جَوْفِ الْكَنَائِسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيل:

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ ضَرَبُوا النَّاقُوسَ فِي جَوْفِ كَنَائِسِهِمُ الْقَدِيمَةِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لِذَلِكَ لأَِنَّ إِِظْهَارَ الشَّعَائِرِ لَمْ يَتَحَقَّقْ، فَإِِِنْ ضَرَبُوا بِهِ خَارِجًا مِنْهَا لَمْ يُمَكَّنُوا لِمَا فِيهِ مِنْ إِِظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَلاَ يُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّاقُوسِ فِي


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٢، و٥ / ٢٥١، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٥٠، والحطاب ٥ / ٤٢٤، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٤، ٢٥٥، ٢٥٧، والأم ٤ / ٢١٣، وأحكام أهل الذمة ١ / ٢٧٧.