للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١) وَالْجَنِينُ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ حَيًّا بَعْدَ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ مَيْتَةٌ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَيَاةَ الْجَنِينِ مُسْتَقِلَّةٌ إِذْ يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهَا بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَتَكُونُ تَذْكِيَتُهُ مُسْتَقِلَّةً.

هَل يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِكَوْنِ الذَّابِحِ أَهْلاً لِلتَّذْكِيَةِ:

٥٠ - قَال الزَّيْلَعِيُّ: لَوْ أَنَّ بَازِيًا مُعَلَّمًا أَخَذَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَلاَ يُدْرَى أَرْسَلَهُ إِنْسَانٌ أَوْ لاَ، لاَ يُؤْكَل لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الإِْرْسَال، وَلاَ إِبَاحَةَ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلاً فَهُوَ مَال الْغَيْرِ فَلاَ يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ إِلاَّ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الزَّيْلَعِيِّ صَاحِبِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ قَال: وَقَعَ فِي عَصْرِنَا حَادِثَةُ الْفَتْوَى وَهِيَ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ شَاتَهُ مَذْبُوحَةً بِبُسْتَانِهِ فَهَل يَحِل لَهُ أَكْلُهَا أَوْ لاَ؟ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ لاَ يَحِل لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي أَنَّ الذَّابِحَ مِمَّنْ تَحِل ذَكَاتُهُ أَوْ لاَ، وَهَل سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا أَوْ لاَ؟ لَكِنْ فِي الْخُلاَصَةِ فِي " اللُّقَطَةِ ": إِنْ أَصَابَ قَوْمٌ بَعِيرًا مَذْبُوحًا فِي طَرِيقِ الْبَادِيَةِ وَلَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنَ الْمَاءِ وَوَقَعَ فِي الْقَلْبِ أَنَّ صَاحِبَهُ فَعَل ذَلِكَ إِبَاحَةً لِلنَّاسِ فَلاَ بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَالأَْكْل مِنْهُ؛ لأَِنَّ الثَّابِتَ بِالدَّلاَلَةِ كَالثَّابِتِ بِالصَّرِيحِ وَهَذَا مِنْ صَاحِبِ الْخُلاَصَةِ يَدُل عَلَى إِبَاحَةِ الأَْكْل بِالشَّرِيطَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَعُلِمَ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ


(١) سورة المائدة / ٣.