للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِِنْ دُفِنَ نُبِشَ قَبْرُهُ وَنُقِل إِِلَى الْحِل، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ فَيُتْرَكُ كَمَا تُرِكَ أَمْوَاتُ الْجَاهِلِيَّةِ (١) .

الْقِتَال فِي الْحَرَمِ:

٩ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَنْ دَخَل الْحَرَمَ مُقَاتِلاً وَبَدَأَ الْقِتَال فِيهِ، يُقَاتَل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ (٢) } .

وَكَذَلِكَ مَنِ ارْتَكَبَ فِي الْحَرَمِ جَرِيمَةً مِنْ جَرَائِمِ الْحُدُودِ أَوِ الْقِصَاصِ مِمَّا يُوجِبُ الْقَتْل فَإِِنَّهُ يُقْتَل فِيهِ اتِّفَاقًا لاِسْتِخْفَافِهِ بِالْحَرَمِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفِقْرَةِ التَّالِيَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي قِتَال الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ عَلَى أَهْل الْعَدْل فِي الْحَرَمِ إِذَا لَمْ يَبْدَءُوا بِالْقِتَال. فَذَهَبَ طَاوُسٌ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَقَوْل الْقَفَّال وَالْمَاوَرْدِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ قِتَالُهُمْ فِي الْحَرَمِ مَعَ بَغْيِهِمْ. وَلَكِنَّهُمْ لاَ يُطْعَمُونَ وَلاَ يُسْقَوْنَ وَلاَ يُؤْوَوْنَ وَلاَ يُبَايَعُونَ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنَ الْحَرَمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ


(١) تفسير القرطبي ٧ / ١٠٤، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٦٧، ولأبي يعلى ص ١٩٥، والمغني ٨ / ٥٣١.
(٢) سورة البقرة / ١٩١.