للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّخْصِ الْوَاحِدِ طَرَفَيِ الْعَقْدِ، وَتَوَلِّي الصَّالِحِينَ وَتَوَلِّي الْفَاسِقِينَ.

أَوَّلاً: التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ:

٣ - الزَّحْفُ: الدُّنُوُّ قَلِيلاً، وَأَصْلُهُ الاِنْدِفَاعُ عَلَى الأَْلْيَةِ، ثُمَّ سُمِّيَ كُل مَاشٍ فِي الْحَرْبِ إِلَى الآْخَرِ زَاحِفًا. (١)

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (٢) إِلَى أَنَّ التَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ وَهُوَ الْفِرَارُ مِنَ قِتَال الْكُفَّارِ حَرَامٌ، فَلاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي حَضَرَ صَفَّ الْقِتَال أَنْ يَنْصَرِفَ إِذَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَتَدَانَى الصَّفَّانِ؛ لِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمِ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (٣) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤) نَهَى اللَّهُ تَعَالَى فِي الآْيَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ - فِي الذِّكْرِ هُنَا - عَنِ الْفِرَارِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَأَمَرَ فِي الآْيَةِ الأَْخِيرَةِ بِالثَّبَاتِ عِنْدَ قِتَالِهِمْ،


(١) تفسير القرطبي ٧ / ٣٨٠.
(٢) جواهر الإكليل ١ / ٢٥٤، والزرقاني ٣ / ١١٥، والقليوبي ٤ / ٢١٩، والمغني ٨ / ٣٤٦، وكشاف القناع ٣ / ٤٧.
(٣) سورة الأنفال / ١٥، ١٦.
(٤) سورة الأنفال / ٤٥.