للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَدِيثٍ آخَرَ: وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا (١) .

قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا أَمَرَ بِعَدَمِ الإِْفْرَاطِ فِي السَّعْيِ، لأَِنَّهُ إِذَا قَدِمَ عَلَى الصَّلاَةِ عَقِيبَ شِدَّةِ السَّعْيِ يَكُونُ عِنْدَهُ انْبِهَارٌ وَقَلَقٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الْخُشُوعِ اللاَّئِقِ بِالصَّلاَةِ، فَأَمَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَاجْتِنَابِ مَا يُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ الْخُشُوعِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَاتُ، وَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّ الْخُشُوعَ أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ وَصْفِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ مَعَ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ، فَقَدْ فَضُل الْمَنْدُوبُ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهِيَ عَلَى خِلاَفِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهَا الَّتِي شَهِدَ لَهَا الْحَدِيثُ (٢) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ (٣) .

لُزُومُ النَّفْل بِالشُّرُوعِ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى لُزُومِ إِتْمَامِ حَجِّ النَّفْل وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا (٤) .


(١) حديث: " وما فاتكم فاقضوا ". أخرجه أحمد (٢ / ٢٧٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) الفروق للقرافي ٢ / ١٢٨ - ١٣٠.
(٣) حديث: " وما تقرب إلي عبدي. . . ". تقدم تخريجه ف (٤) .
(٤) قمر الأقمار بهامش كشف الأسرار شرح المنار ١ / ٢٩٨ ط بولاق، ومنحة الخالق بهامش البحر الرائق / ٢ ٦١، ومواهب الجليل ٢ / ٩٠، والآيات البينات على شرح جمع الجوامع ١ / ١٨٨ - ١٨٩، والمغني ٣ / ١٥٣، ومغني المحتاج ١ / ٤٤٨، ٥٢٣.