للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْكَامُ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ لِلْحَجِّ:

٣٤ - أ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (١) وَالْمَالِكِيَّةُ (٢) وَالْحَنَابِلَةُ (٣) إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيَنْعَقِدُ حَجًّا، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَهُوَ قَوْل إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ (٤) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَنْعَقِدُ الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْل أَشْهُرِهِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْل هِلاَل شَوَّالٍ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا، وَانْعَقَدَ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ. وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ (٥) .

٣٥ - وَالأَْصْل فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} وَقَدْ تَنَازَعَ الْفَرِيقَانِ الاِسْتِدْلاَل بِهَا، وَأَيَّدَ كُل فَرِيقٍ وُجْهَتَهُ بِدَلاَئِل أُخْرَى. وَهُوَ خِلاَفٌ وَقَعَ بَيْنَ أَهْل الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا (٦) . اسْتَدَل الثَّلاَثَةُ بِأَنَّ مَعْنَى الآْيَةِ: الْحَجُّ (حَجٌّ) أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ فِيهَا أَكْمَل مِنَ الإِْحْرَامِ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ صَحِيحًا (٧) ؛ وَلأَِنَّهُ أَحَدُ نُسُكَيِ الْقِرَانِ،


(١) الهداية ٢ / ٢٢١، ورد المحتار ٢ / ٢٠٦، ٢٠٧ والمسلك المتقسط ص ٥٤
(٢) شرح الزرقاني ٢ / ٢٤٩، والشرح الكبير بحاشيته ٢ / ٢٢، وحاشية العدوي ١ / ٤٥٧
(٣) المغني ٣ / ٢٧١، ومطالب أولي النهى ٢ / ٣٠١
(٤) المغني المرضع السابق وتفسير ابن كثير ١ / ٢٣٥ ط عيسى الحلبي، وفيه ذكر الليث بن سعد.
(٥) المجموع ٧ / ١٣٠
(٦) كما ذكر ابن كثير في تفسيره ١ / ٢٣٥ ط عيسى الحلبي ومنه نسوق توجيه الآية لكل فريق.
(٧) الشرح الكبير بحاشيته الموضع السابق.