للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالآْيَةُ عِنْدَهُمْ عَامَّةٌ لأَِنَّ كَلِمَةَ " رُشْدًا " نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ الْمَال وَالدِّينَ، فَالرَّشِيدُ هُوَ مَنْ لاَ يَفْعَل مُحَرَّمًا يُبْطِل الْعَدَالَةَ، وَلاَ يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَال بِاحْتِمَال غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ، أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ، أَوْ إِنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ (١) .

قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيل " رُشْدًا " فِي الآْيَةِ فَقَال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: صَلاَحًا فِي الْعَقْل وَالدِّينِ. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَالثَّوْرِيُّ: صَلاَحًا فِي الْعَقْل وَحِفْظُ الْمَال. قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ: إِنَّ الرَّجُل لَيَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ وَمَا بَلَغَ رُشْدَهُ. فَلاَ يُدْفَعُ إِلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ.

وَهَكَذَا قَال الضَّحَّاكُ: لاَ يُعْطَى الْيَتِيمُ وَإِنْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ إِصْلاَحُ مَالِهِ.

وَقَال مُجَاهِدٌ: رُشْدًا " يَعْنِي فِي الْعَقْل خَاصَّةً.

وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرُّشْدَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْشُدْ بَعْدَ بُلُوغِ الْحُلُمِ وَإِنْ شَاخَ لاَ يَزُول الْحَجْرُ عَنْهُ (٢) .

أَثَرُ الْحَجْرِ عَلَى تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ:

٧ - سَبَقَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ رَشِيدًا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي


(١) مغني المحتاج ٢ / ١٦٨.
(٢) تفسير القرطبي ٥ / ٣٧ ط وزارة التربية والتعليم.