للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّصَرُّفِ فِيهِ تَصَرُّفَ الشُّرَكَاءِ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ بِهَذَا التَّصَرُّفِ نَفْسِهِ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَسَّرَ الْخَرَشِيُّ كَلاَمَ خَلِيلٍ بِمَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ حُضُورِ رَأْسِ الْمَال، أَوْ مَا هُوَ بِمَثَابَةِ حُضُورِهِ - إِلاَّ أَنَّهُ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ مَالٍ هُوَ نَقْدٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ إِذَا غَابَ نَقْدُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لاَ تَصِحُّ، إِلاَّ إِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعِ الاِتِّفَاقُ عَلَى الْبَدْءِ فِي أَعْمَال التِّجَارَةِ قَبْل حُضُورِهِ. فَإِذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً، أَوْ قَرِيبَةً وَاتَّفَقَ عَلَى الشُّرُوعِ فِي التِّجَارَةِ قَبْل حُضُورِهِ، أَوْ غَابَ النَّقْدَانِ كِلاَهُمَا (نَقْدَا الشَّرِيكَيْنِ) وَلَوْ غَيْبَةً قَرِيبَةً، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ حِينَئِذٍ لاَ تَكُونُ صَحِيحَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّ الْبُعْدَ بِمَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِمَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْخَرَشِيُّ. وَلَكِنَّ الْخَرَشِيَّ أَشَارَ إِلَى تَفْسِيرٍ آخَرَ، يَجْعَل هَذَا الشَّرْطَ شَرْطَ لُزُومٍ، لاَ شَرْطَ صِحَّةٍ (١) .

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْخَلْطُ

٢٨ - لاَ يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ وَلاَ الْحَنَابِلَةُ فِي شَرِكَةِ الأَْمْوَال خَلْطَ الْمَالَيْنِ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ أَصْلاً، بَل وَلاَ بِشَرْطِ لُزُومٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ


(١) المغني لابن قدامة ٥ / ١٢٧، مطالب أولي النهى ٣ / ٤٩٧، ٤٩٩، ٥٠١، الخرشي ٤ / ٥٨.