للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الأَْمَانَ لَهُمْ، فَلاَ يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ. وَكَذَا لَوْ دَخَل فِي دَارِ الْمُوَادَعَةِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ دَارِهِمْ بِأَمَانٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَهُوَ آمِنٌ لاَ يَجُوزُ أَسْرُهُ، لأَِنَّهُ لَمَّا دَخَل دَارَ الْمُوَادَعِينَ بِأَمَانِهِمْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وُجِدَ الْحَرْبِيُّ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَسْرُهُ، وَمَا لَوْ أَخَذَ الْحَرْبِيُّ الأَْمَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ فِي حِصْنِ الْحَرْبِيِّينَ (١) .

الأَْسِيرُ فِي يَدِ آسِرِهِ وَمَدَى سُلْطَانِهِ عَلَيْهِ:

١٠ - الأَْسِيرُ فِي ذِمَّةِ آسِرِهِ لاَ يَدَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلاَ حَقَّ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، إِذْ الْحَقُّ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ مَوْكُولٌ لِلإِْمَامِ، وَعَلَيْهِ بَعْدَ الأَْسْرِ أَنْ يَقُودَهُ إِلَى الأَْمِيرِ لِيَقْضِيَ فِيهِ بِمَا يَرَى، وَلِلآْسِرِ أَنْ يَشُدَّ وَثَاقَهُ (٢) إِنْ خَافَ انْفِلاَتَهُ، أَوْ لَمْ يَأْمَنْ شَرَّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَصْبُ عَيْنَيْهِ أَثْنَاءَ نَقْلِهِ لِمَنْعِهِ مِنَ الْهَرَبِ.

فَمِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَمْنَعَ الأَْسِيرَ مِنَ الْهَرَبِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ فُرْصَةً لِمَنْعِهِ إِلاَّ قَتْلَهُ فَلاَ بَأْسَ، وَقَدْ فَعَل هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. (٣)

١١ - وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (٤) عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ إِذَا صَارَ فِي


(١) البدائع ٧ / ١٠٩، وشرح السير الكبير ١ / ٣٦٦، ٣٦٩ ط مطبعة مصر سنة ١٩٥٧ م.
(٢) الأم للشافعي ٨ / ٤٤٩ ط شركة الطباعة الفنية بمصر، والمبسوط ١٠ / ٢٥.
(٣) السير الكبير ٣ / ١٣٢٨، والمغني ١٠ / ٤٠٧.
(٤) شرح السير الكبير ٢ / ٦٥١، ٦٩٠ وما بعدهما، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ١٨٧، والمهذب ٢ / ٢٣٨، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ٥ / ١٤ مطبعة صبيح سنة ١٣٨٤ هـ، والمغني ١٠ / ٤٢٣ ط أولى المنار.