للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ، لأَِنَّ الْقَصْدَ هُنَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَهِيَ تَحْصُل بِغَيْرِ الأَْحْجَارِ، أَمَّا التَّيَمُّمُ فَهُوَ غَيْرُ مَعْقُول الْمَعْنَى.

الاِسْتِجْمَارُ هَل هُوَ مُطَهِّرٌ لِلْمَحَل؟

٢٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

الأَْوَّل: أَنَّ الْمَحَل يَصِيرُ طَاهِرًا بِالاِسْتِجْمَارِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَاَلَّذِي يَدُل عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْعِ طَهَارَتُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ، وَقَال: إِنَّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ (١) فَعُلِمَ أَنَّ مَا أُطْلِقَ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ يُطَهِّرُ، إِذْ لَوْ لَمْ يُطَهِّرْ لَمْ يُطْلَقْ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ. وَكَذَلِكَ قَال الدُّسُوقِيُّ الْمَالِكِيُّ: يَكُونُ الْمَحَل طَاهِرًا لِرَفْعِ الْحُكْمِ وَالْعَيْنِ عَنْهُ.

وَالْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ الْقَوْل الآْخَرُ لِكُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْل الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْمَحَل يَكُونُ نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: ظَاهِرُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْمَحَل لاَ يَطْهُرُ بِالْحَجَرِ. وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ لِلْحَنَابِلَةِ: أَثَرُ الاِسْتِجْمَارِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي مَحَلِّهِ لِلْمَشَقَّةِ.

وَفِي الْمُغْنِي: وَعَلَيْهِ لَوْ عَرَقَ كَانَ عَرَقُهُ نَجِسًا. (٢)

٢٤ - وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الرُّطُوبَةَ إِذَا أَصَابَتِ الْمَحَل بَعْدَ الاِسْتِجْمَارِ يُعْفَى عَنْهَا.


(١) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث. . . " رواه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وقال إسناده صحيح (سنن الدارقطني ١ / ٥٦ ط شركة الطباعة الفنية المتحدة، ونصب الراية ١ / ٢٢٠) .
(٢) البحر الرائق ١ / ٢٥٤، وفتح القدير ١ / ١٤٩، وحاشية الدسوقي ١ / ١١١، والمغني ١ / ١١٨.