للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَال تَرِكَةٌ لِلْمُحِيل، فَيَئُول إِلَى وَرَثَتِهِ، بَعْدَ أَنْ تُقْضَى مِنْهُ الْحُقُوقُ الْمُقَدَّمَةُ، كَالدُّيُونِ الأُْخْرَى غَيْرِ دَيْنِ الْمُحَال، لأَِنَّهُ لاَ يَعُودُ عَلَى الْمُحِيل مَا دَامَتِ الْحَوَالَةُ قَائِمَةً، وَمَوْتُ الْمُحِيل لاَ يُبْطِل الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ. (١)

١٣٩ - وَأَمَّا فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، فَقَدْ يَمُوتُ الْمُحِيل قَبْل اسْتِيفَاءِ دَيْنِهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ، لأَِنَّ الْمَال الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ قَدِ اسْتُحِقَّ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَدَخَل فِي تَرِكَةِ الْمُحِيل، وَعَلَى هَذِهِ التَّرِكَةِ يَعُودُ الْمُحَال بِدَيْنِهِ، وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، هَكَذَا عَلَّل صَاحِبُ - الْبَدَائِعِ - ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ، بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ اخْتَصَّ بِغُرْمِ الرَّهْنِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، لأَِنَّهُ إِذَا هَلَكَ سَقَطَ دَيْنُهُ خَاصَّةً، وَلَمَّا اخْتَصَّ بِغُرْمِهِ اخْتَصَّ بِغُنْمِهِ، لأَِنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ. وَأَمَّا الْمُحَال فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِغُرْمِ ذَلِكَ الْمَال، لأَِنَّهُ لَوْ تَوِيَ لاَ يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنِ الْمُحِيل.

فَلَمَّا لَمْ يَخْتَصَّ بِغُرْمِهِ لَمْ يَخْتَصَّ بِغُنْمِهِ، وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. (٢)

١٤٠ - وَمِنْ نَتَائِجِ الْقَوْل بِالاِنْفِسَاخِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:

(أ) إِنَّ الْمُحَال إِذَا رَجَعَ إِلَى تَرِكَةِ الْمُحِيل وَعَرَفَ نَصِيبَهُ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ هَذَا مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ بَدَلاً مِنَ التَّرِكَةِ


(١) البدائع ٦ / ١٧، وحواشي البحر ٦ / ٢٧٤.
(٢) البدائع ٦ / ١٧.