للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال مِنَ الأَْئِمَّةِ: بِأَنَّ الأَْمْرَ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعِبَادَةِ لِلْوُجُوبِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَال: إِنَّهُ لِلنَّدْبِ، وَكَذَلِكَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي النَّهْيِ بِأَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ أَوْ لِلتَّحْرِيمِ، فَلِكُلٍّ مِنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ رِجَالٌ، فَمَنْ قَوِيَ مِنْهُمْ مِنْ حَيْثُ إِيمَانُهُ وَجِسْمُهُ خُوطِبَ بِالْعَزِيمَةِ وَالتَّشْدِيدِ الْوَارِدِ فِي الشَّرِيعَةِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا. وَمَنْ ضَعُفَ مِنْهُمْ خُوطِبَ بِالرُّخْصَةِ. فَالْمَرْتَبَتَانِ عِنْدَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْوُجُوبِيِّ لاَ التَّخْيِيرِ (١) .

الاِخْتِلاَفُ الْفِقْهِيُّ هَل هُوَ رَحْمَةٌ:

١٥ - الْمَشْهُورُ أَنَّ اخْتِلاَفَ مُجْتَهِدِي الأُْمَّةِ فِي الْفُرُوعِ رَحْمَةٌ لَهَا وَسَعَةٌ (٢) . وَالَّذِينَ صَرَّحُوا بِذَلِكَ احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَالْعَمَل بِهِ لاَ عُذْرَ لأَِحَدٍ فِي تَرْكِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَسُنَّةٌ مِنِّي مَاضِيَةٌ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةٌ مِنِّي فَمَا قَال أَصْحَابِي. إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، فَأَيُّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلاَفُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ. (٣) وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا وَجُعِل اخْتِلاَفُ أُمَّتِي رَحْمَةً وَكَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَنَا عَذَابًا (٤) .


(١) الميزان الكبرى ص ٦
(٢) الموافقات ٤ / ١٢٥، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة.
(٣) رواه البيهقي وغيره من حديث جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. قال السخاوي: وجويبر ضعيف جدا، والضحاك عن ابن عباس منقطع (المقاصد الحسنة ص ٢٦) .
(٤) ذكره في الميزان الكبرى ص٧، قال السيوطي عن " اختلاف أمتي رحمة ": أخرجه نصر المقدسي في كتاب الحجة. ولم يذكر السيوطي تخريجا للجملة التالية بعد أن عنون بذلك كله (الخصائص الكبرى ١ / ٢١١)